لتحميل المقال أو قراءته في ص-و-م pdf إضغط على العنوان أو الرابط أسفل النص
1- قال الأستاذ بألم: ترك لنا آباؤها هديتين تبين أننا لا نقوم بما ينبغي لنكون أهلا لهما فقد عجزنا عن حمياتهما ورعايتهما: مرجعية الإسلام وداره.
2-فما في داره من شروط المقام (الموقع) والقيام (الثروة والتراث) لم يصبح ذا قيمة إلا بعد أن فقدنا السلطان عليهما فأصبحا بيد العدو الذي ثمرهما.
3-فلولا الحضارة الحديثة لما كان للموقع مقاما وللثروة والتراث قياما ما لهما الآن: والعلة هي الانحطاط الذي آل إليه أمرنا ذاتيا ثم بسبب الاستعمار.
4-وما أخشاه هو أن يكون الأمر بالمثل بالنسبة إلى المرجعية: فالانحطاط الذاتي ثم الناتج عن الحقبة الاستعمارية شوهها تشويها يحول دون ثمرتها وتحقيق شروط الاستئناف.
5-فهل سننتظر حتى تقع ثورة روحية عند غيرنا كما حصلت في الحالة الأولى ثورة علمية تقنية حتى يفهم غيرنا قيم القرآن فندرك ما فرطنا فيه كحالنا في الدار؟
6-ذلك أن قيم القرآن لم يعد لها بين العرب خاصة أدنى معنى لأن نخب التأصيل المزيف استعاضت عنها بقيم الجاهلية ونخب التحديث المزيف استعاضت عنها بقيم الاستعمار.
7-الحرب الأهلية الجارية اليوم في الأرض العربية هي حرب بين الانحطاطين ونخبتيهما: نخبة قيم الجاهلية ونخبة قيم الاستعمار ولا صلة لـهما بقيم القرآن. فحتّام؟ حتّام؟
8-الشباب بجنسيه مل تخريف دعاة التأصيل ودعاة التحديث الزائفين ومعركة الكاريكاتورين ويريد فهم شروط استعمار الإنسان في الارض بما يرفع منزلته أعني جوهر الثورة الإسلامية.
9-وإذا كانت نخب التحديث المزيف تدعو صراحة إلى القطع مع المرجعية فإن نخب التأصيل المزيف بغباء دعوتها الى الوصل معها أكثر دفعا للقطع منها إلى الوصل.
10-أي وصل لا يتجاوز العبادات والتأوهات والدعوات لمتكلمين كلاما يغيب جوهر الرسالة التي هي استراتيجية استعمار الإنسان في الأرض بقيم الاستخلاف؟
11-ما الذي أفسد الفهم والذوق إلى حد أصبح الفكر الديني النقيض التام لمضمون الرسالة تذكيرا بالفطرة وليس بديلا منها وسعيا لتحقيق الكرامة وليس مكرا لتوطيد الاستبداد والفساد.
12-لا يمكن تصورالإسلام إلا كما هو رسالة تحقيق شروط حماية الإنسان ورعايته بذاته وليس بأوصياء عليه لأن التكليف والمسؤولية فردية فيه بإطلاق.
13-من يجهل أن الاحتجاج يوم الدين ومحاولة تحميل مسؤولية الأعمال لغير صاحبها غير مقبول عند الله لأن كلا يأتي ربه فردا؟ فماذا يترتب على ذلك إذن؟
14-المترتب الأول هو النظر في الحيلة التي أرجعت الكنسية إلى الإسلام: فعند الشيعة المشكل واضح هي كنسية صريحة. فهي المرجعيات التي نرى ما فعلت بالعراق.
15-لكن عند السنة يكذب من يدعي أننا لم نرجع الكنسية. أرجعناها مرتين: فهي متعينة في سلطان فقهاء السلطان وفي سلطان دجالي التصوف وعبادة القبور والوسطاء.
16-ففشل ثورة التحرر والتحرير كونوا واثقين إن حصل لا قدر الله أن سببه الأول هو الطغيان بسنديه الروحي داخليا والمادي خارجيا. والأول أخطر.
17-وهو أخطر لأنه ينوّم الشعوب في حين أن الثاني بمجرد وجوده يقوي فيهم جذوة الصمود والمقاومة. ففاعليته مشروط تأثيرها بتأثير الأول في الوعي.
18-ولعل المثال الأوضح هو ما يجري في مصر: فلا يمكن أن يفهم المرء سكوت الشعب على حكم يهدم أعز ما لديه روحيا فضلا عن شروط الحياة المادية. لكن ما يحصل في مصر ويصح عليه ما قال فيها المتنبي بات يعم كل العرب.
19-لا يمكن أن نفهم سكوت الشعب المصري ومثله كل العرب من دون ظاهرة الكنسية المضاعفة: فقهاء السلطان (حزب النور) والتصوف القبوري المسنود بالتشيع الحاقد.
20-ثورة القرآن الكريم التي تعتبر الرسالة تحريرا روحيا من التحريف الكنسي ومن الظلم الاجتماعي غطى عليها تأويلها بردها إلى قيم الجاهلية أو بتعويضها بقيم الاستعمار.
21-فالرد الأول هو الذي يقوي حجة الأعداء أصحاب الرد الثاني الذين باسم التحديث المزيف يريدون بديلا من قيم الإسلام قيم الاستعمار أعني استبداد نخبة أجنبية ذهنيا بالـ”انديجان”.
22-ومن أراد مثالا من اجتماع كل هذه الأمراض في المجتمعات العربية فعليه بلبنان: ففيها يتجسد الانحطاطان تام التجسد من ماضينا ومن الاستعمار. إنها بؤرة كل أمراض العرب وكل فسادهم المادي والروحي.
23-ففيها نجد الكنسيتين الشيعية العلنية والسنية المتخفية وفيها نجد الكنسيتين العلمانيتين (الماركسية والليبرالية) أو الحضور السافر لثقافة الاستعمار منذ المسألة الشرقية.
24-وكل ذلك ليس إلا تعبيرا عن عجز السنة وسذاجتها وعن خبث الشيعة ودهائها وعن متطرفي الصليبية وغدرها (عون وتخريفه) وعن سخافات الحداثيين وحمقهم وهي لعبة غربية معروفة منذ المسألة الشرقية.
25-لبنان هي قيح المرض العربي الذي يسمونه ثقافة وحضارة وهو جوهر الانحطاط وعصارته إذ هي قد جمعت بيزنطة شيوخ روما (مجلس النواب المزعوم) تفاهة التجار (التجارة المادية والرمزية والحشاشية وحتى الجنسية) وسفاهة الصحافة المأجورة والثقافة المغرورة.
26-ولا يعني ذلك التعميم بل التمثيل بالوجه الغالب: فأحيانا يكون التعين متحيزا وليس من اختياري. ففي كل بلاد العالم توجد جميع الشرور والأخيار. لكن التوصيف يكون بما يغلب من نماذج.
27-من ذلك إذا أنت قست قيم النخبة الحاكمة في العالم بمنجزها فإنك ستجدها في الغرب لا تكاد تجد الوقت لذاتها أما عندنا فهي لا تكاد تجد الوقت لغير متعها ومتع حماتها وحراسها.
28-ولهذا فمعيار التقويم بالإنجاز إيجابا وبعدمه سلبا هو الذي جعل الشعوب تكره كل النخب العميلة للحكام المحليين ولسادتهم الاستعماريين وخاصة طباليهم وصحافييهم. ما يتحقق من منجزات في أقل من عقد فشلت فيه أقطارنا رغم مرور قرنين: كل شيء مستورد.
29-فقد قسمت اقطار الوطن إلى تجار ما تنتج الأرض من مواد خام وتجار ما ينتج من الأرض ومن المناخ والثقافة المنحطة من متع وتجارة بما وصفنا. والبقية مفهومة: لا أحد ينتج شيئا الطبيعة متكفلة بسد الحاجات ما فوق السرة وما دونها.
30-عندئذ تفهم كيف أن بلدا فقيرا ومتخلفا -وقصدي إيران لأن اسرائيل قاعدة غربية- استطاع في أقل من ثلاثة عقود أن يحتل ما كان يظن أكثر العرب تقدما ودعوى ثورية (العراق والشام).
31-إيران التي لو كان أجوارها من المحيط إلى الخليج بحق قائمين بواحد في المائة من واجب الحكم المسؤول لما أستطاعت أن تتجاوز حدودها: لكنهم نيام أو بصورة أدق في هيام.
32-ألايكفي تحصيل ثمرة ما تنتجه الطبيعة من ثروات وبشر يباعون عضويا وفكريا في نخاسة عربية لم أر لها مثيلا وخاصة بعد أن فضحت الثورة كل شيء ثم زادت الثورة المضادة فبينت ما هم لاجله مستعدون للاستماتة.
33-وحينئذ تفهمون لم يتعلق الشعب بأبطال الصدر خاصة وهو يرى من حوله شعوبا أخرى دولها لا تتوقف عن العمل المنتج والغازي لغيرها وخاصة لبلداننا التي هي ثمرة عمل هؤلاء الأبطال الذين خناهم.
34-لم أعف السياسة والسياسيين في تونس وحدها بل في كل بلاد العرب من المحيط إلى الخليج. وكلاهما ليس له من العروبة إلا الاسم والدعوى اللفظية: وإذا بقوا كما هم فالمصير هو مصير الأحواز.
35-من يرى ما يجري في سوريا وفي اليمن وفي مصر وفي ليبيا وفي تونس ولا يتحرك فحتى بيت المتنبي لن يعبر عن موته: “ما لي لا تحركني هذي المدام ولا هذي الأغاريد”؟
يرجى تثبيت الخطوط
أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/