كان فضل الثورة أنها جعلت مضمون الوعي بامراض تونس -ومثلها جل بلاد العرب وتلك علة انتشار الثورة التي انطلقت من تونس- صريحا وواضحا ما كان ضمنيا وغائما.
ويمكن بصورة وجيزة وسريعة تصنيف هذه الأمراض إلى جنسين كلاهما مؤلف من صنفين :
- الجنس الأول تجلت خصائصه في أعيان الوجود الفعلي.
وصنفاه هما :- 1-الكسر الجهوي (جهات فترينة تستعبد جهات رهينة).
- 2-الكسر الطبقي (في كل جهة طبقة مستغِلة وطبقة مستغَلة).
- الجنس الثاني تجلت خصائصه في الأذهان وصنفاه هما :
- 3-الانحطاط الذاتي (القشور الموروثة عن جمود الفعالية الحضارية التأصيلية).
- 4-الانحطاط المستورد (القشور الموروثة عن جمود الفعالية الحضارية التحديثية)
- 5-أصل هذه الأمراض أو صدام الحضارات الداخلي بين النزعة التحديثية بقشور الحضارة الغربية والنزعة التأصيلية بقشور الحضارة الإسلامية.
فالأصناف الأربعة تنبع من أصل واحد يجعلها “سندروم” مؤلفا منها بوصفها أعراض المرض الحضاري الذي تعاني منه الأمة ويحول دونها والاستئناف السوي ككل الحضارات التي مرت مثلنا بالانحطاط ثم تمكنت من الاستئناف ودخلت العصر بشروطه.
نكتفي اليوم بتعيينها وتسميتها بأسمائها التي تجلي طبيعة تأثيرها المعطل لمسعى الاستئناف.
وسنحاول لاحقا وضع خطة علاج نسقي يشفي تونس منها -وكذلك بلاد العرب الأخرى- ويمكنها من استرجاع دورها في الإقليم.
والمعلوم أن هذا الدور قد قضت عليه التبعية التي فرضت هذه الوضعية التي تواصل السياسة الاستعمارية بعد الاستقلال بل وتعمقها:
إنه صدام الحضارات الداخلي.
فهذا الصدام الحضاري الداخلي جعل تونس -ومثلها جل البلاد العربية-ت عاني من حرب أهلية صامتة- وقد انفجرت في الثورة فأصبحت صاخبة ودامية- بين خيارين حضاريين كلاهما يحارب شروط الوجود السوي لمجرد أن التأصيلي يجعل إحياء الماضي مقصورا على قشور حضارتنا والتحديثي يجعل بناء المستقبل مقصورا على قشور حضارة الغرب.
ولعل ممثلي هذا الصدام الحضاري هم ممثلو وجهي الإرهاب الذي يسيطر على الإقليم ولا يقتصر على تونس وحدها :
- ارهاب التحديثيين الرمزي الذي يحارب الذات ويستهدف استئصال الإسلاميين. وهذا الإرهاب يمثله بقايا العلمانية والليبرالية المشوهتين بدءا بالوضعانية الليبرالية وختما بموميات اليسار والقومية الصبيانية التي تنخر الكيان وتعيد الأمة إلى الاستعمار.
- ارهاب التأصيليين المادي الذي يحارب الذات ويستهدف استئصال العلمانيين. وهذا الإرهاب يمثله بقايا السلفية الجهادية المشوهة بدءا بأمراء حرب القاعدة وختما بمجرمي داعش ومليشيات الملالي التي تنخر الكيان وتعيد الأمة إلى البداوة والاستعمار.
وكلا الإرهابين يؤديان إلى التبعية البنيوية في كل مجالات بناء الحضارة علميا وعمليا إذ إن كلا الصفين يقتصر عملهما على التهديم النسقي لشروط البقاء الذي لا يمكن أن يعتمد على قشور ماضينا فضلا عن الاعتماد على قشور ماضي غيرنا.
وإذا كان هؤلاء قد استبدوا بالدولة وبالعنف الرسمي للأنظمة والثورة المضادة بسند من الاستعمار وذراعيه في الإقليم إيران وإسرائيل فإن أولئك قد استبدوا بالمجتمع وبالعنف الشعبي والثورة من دون أن يكون لهم استراتيجية يمكن أن تجعل الثورة قادرة على تحقيق أهدافها.
ولا يمكن الخروج من المأزق الحالي من دون علاج الأدواء الخمسة التي حاولنا تعيين صفاتها ومجال عملها.
لكن النكبة الأكبر في ذلك تتمثل في تحول هذه الأمراض إلى برامج حزبية يوظفها أصحاب الأحزاب قصيرة النظر لغايات انتخابية فيصبح نكأ هذه الجروح مطية للوصول غلى الحكم دون تفكير في شروط علاجها وبلسمتها.
وذلك ما سنحاول تحديد شروطه وطرائق تحقيقه في المقبل من المحاولات.
– التشخيص الذي يعد للعلاج –
يرجى تثبيت الخطوط
عمر HSN Omar والجماح ياقوت AL-Gemah-Yaqwt أندلس Andalus و أحد SC_OUHOUD
ومتقن الرافدين فن Motken AL-Rafidain Art وأميري Amiri
ونوال MO_Nawel ودبي SC_DUBAI
واليرموك SC_ALYERMOOK وشرجح SC_SHARJAH
وصقال مجلة Sakkal Majalla وعربي تقليدي Traditional Arabic بالإمكان التوجه إلى موقع تحميل الخطوط العربية
http://www.arfonts.net/