**** أخلاق العبيد أو تشخيص أمراض النخب العربية الفصل الخامس
حددنا الإطار العقدي ولم نحدد الإطار الشرعي: هل التشريع يكتفي بالعقد؟ أم إن له اعتبارات أخرى هي ما تلا الآية الأولى مباشرة؟ فلا بد من تحديد: • وظيفة التشريع • ووظيفة المال • ووظيفة الأسرة • ووظيفة المواريث جمعا بين الرحمين. لكن ذلك لا يكفي، لا بد من تحديد درجة التشريع لأن التشريعات متراتبة كما هو معلوم إذ إن صفات افعال العباد في الشريعة الإسلامية مخمسة: 1. الدرجة صفر أو المباح 2. ثم الموجب له درجتان هما • الواجب • والمندوب إليه 3. والسالب له درجتان هما • المحظور • والمكروه. وتصنيف رتب التشريع موجودة في هذه الآيات. وهي على صنفين: • الأول يتعلق بما ينتسب إلى الرحم الجزئي وهو لب نظام المواريث • والثاني يتعلق بما ينتسب إلى الرحم الكلي وهو اختياري في نظام المواريث (مثل الجار وكل من يحضر قسمة التركة دون أن يكون من الرحم الجزئي أو منه دون أن يكون من المعدودين في الورثة الذين يحددهم القسم الاول). ويدخل ضمن هذا الرحم الكوني رعاية الأيتام دون شرط القرابة ورعاية المساكين إلخ.. من أقسام الإنفاق الذين حددتهم الآية 77من البقرة ولكن يبقى ذلك ضمن السهم الاختياري الذي يقرره الورثة المعينين في الصنف الاول. وكل هؤلاء من الصنفين يتحددون في نظرية المال القيام وضرورة حفظه (النساء5).
وأخيرا فإن تحديد درجات التشريع في الآيات جاء على النحو التالي. فهو: 1. وصية إلهية 2. وهو فرضية إلهية 3. وهو حد إلهي 4. وهو محدد للمآل يوم الحساب 5. لكنه يحفظ حق المالك في الوصية وفي وراثة نفسه تحريرا له من ديونه إذا كان مدينا لغيره.
ويمكن الآن أن نحدد مجال انطباق نظام المواريث القرآني: 1. القلب هو وراثة المالك لنفسه لتحريره من دينه 2. وراثة فروعه 3. وراثة أصوله 4. وراثة نسائه وأقربائه 5. وأخيرا بتطوع من الأربعة سهم المنتسبين إلى الرحم الكوني من حاضري قسمة التركة. زعم “يوم يفر المرء… أساسا للتوريث” غير صحيح.
بعض العاهرات اللاتي يعشن في العواصم يتجاهلن أن جل نساء تونس ومصر من الاسر الزراعية والمهن الدنيا في المجتمع توجدن في هذه الوضعية وهن لا يعتنين إلا براحتهن ويردن أن تبقى هؤلاء النسوة في هذه الوضعية لخدمتهن خاصة وأنهن لا يملكن ما يمكنهن من استيراد خادمات من جنوب شرق آسيا. والجميع يعلم أن النسوة في الريف وفي القرى هن اليوم عبيد بسبب إرادة الأسرة المحافظة على الملكية رغم أن نصيبهن هو ما نعلم، فكيف إذا تضاعف؟ لن يحصلن على حقوقهن بل سيتضاعف الحرمان ويصبح الآباء الذين يمكن الآن أن يخافوا الله فيهن أحرص على حرمانهن وجعلهن عوانس وخادمات في الضيعة. تبدو النوايا تحقيق المساواة بين الجنسين. ولا معنى للمساواة في كم الموروث إذا كانت النتيجة ما وصفنا بل المساواة في حق الإرث بقدر لا يخل بنظام الصحة العضوية بسبب الحرص على منع التزاوج الخارجي. والوارث لا حق له لأن توزيع التركة حق المالك بحسب حرية معتقده وحرية ملكيته. ولكل هذه الاعتبارات وصفت العملية كلها بكونها مناورة سياسوية ووصفت من سموهم خبراء بكونهم أميين. فالمساواة بين المرأة والرجل في الملكية لا يتعلق بالمقدار وإلا لقلنا حينها أن الرجال أيضا غير متساويين لأنهم لا يملكون نفس المقدار. المساواة القرآنية في المالكية وليس في مقدار المملوك.