لتصفح المقال في كتيب أو لتحميل وثيقة و-ن-م إضغط على الروابط أسفله
سلطان اسرائيل وامريكا لقرن اخر
قد تهدأ عاصفة الخليج ولكن بهزيمة عربية أخرى حتى لو تمكنت قطر من الخروج سالمة مما نصب للخليج من فخ، بطلاه طموح من يطلب ملكا بلا سيادة. فالحكم سيكون في الأخير غير عربي حتى وإن استعملوا لتمريره زعيما عربيا لا أحد يشك في إخلاصه. لكنه هو بدوره مجبر على هذا الدور بمنطق أخف الضررين.
فالأمر لا يتعلق بمعركة خليجية – خليجية، بل هي صفقة متجاوزة للإقليم كله. وجميع أهله خاسرون منها بمن في ذلك إيران، رغم الدهاء المزعوم لقادتها.
ورمز الصفقة هو ما حل بمصر: السيسي.
الخطة فيها تطلبت ثلاثة عقود ليصبح جيشها ونخبها أداة طيعة للصفقة، وحان وقت تنصيب سيسيات في الخليج والإقليم.
فالسيسي هو حصان طروادة في الصفقة التي عقدت خلال القمم الثلاث برئاسة مجنون واشنطن وطراطير العرب، الذي أمضوا له على بياض ليفعل ما يريد بفلسطين.
لماذا لم استثن إيران من الصفقة؟
يكذبون على أنفسهم عندما يتصورون أنهم حققوا الهلال معتمدين على سكوت موظفيهم في المشروع الأكبر كما سأصف.
توهم قادة إيران أن فرصة استرجاع الامبراطورية سانحة بسبب حرب العرب الأهلية وخروج مصر من اللعبة منذ أكثر من ثلاثة عقود. والنتائج الظاهرة تؤيدهم.
لكني واثق من أنه لا فرق بين دور داعش ودور إيران في تحقيق المشروع الإسرائيلي الأمريكي الذي لن يتوانى في معاملة إيران لاحقا معاملته للعرب الآن.
الحاجة إلى تجريف الأرض لكي تحقق إسرائيل وأمريكا شرط السيطرة على العالم قرنا آخرا: موقع الإقليم وثرواته في استراتيجيتهم لنظام العالم الجديد.
ليست نفس الخطة التي أفرغت بها أمريكا من أهلها حتى تصبح الأرض الموعودة الجديدة، لعسر إفناء أهل الإقليم حاليا. لكن الهدف واحد بطريقة أفضل.
فإفناء أهل أمريكا، اضطر مفنييهم إلى استيراد عبيد من افريقيا حتى يعمروها. هم في هذه المرة يبقون على أهل الإقليم عبيدا بعد أن يفقدوا كل قوة.
بدأوا بمصر فالعراق فسوريا، ويذهبون الآن إلى الخليج والمغرب العربي، وشرعوا في ضرب تركيا. وإيران إن لم ينفرط عقدها بالحصار، سيأتي صراع القوميات.
يؤجلونها لأنها ما تزال صالحة للتجريف مثلها مثل روسيا التي هي في الحقيقة أوهن من بيت العنكبوت، لا يمسكها إلا مصالح المافيات وبقية الكاجي بي.
وأتوقع أن تركيا في خطر محدق بحق، تماما كالسعودية. والفرق الوحيد أن شعب تركيا حماها من المحاولة الأخيرة، في حين أن شعب السعودية مغيب تماما.
وإذا كانت العمالة لإسرائيل في تركيا ارث من ماض تقدم على عودتها لحضن حضارتها، فإن غر السعودية وليبرالييها يحلمون مستقبل لهم على حسابها.
بت أتهيب الكلام في الموضوع لأني قلما أجانب الصواب في فهم استراتيجية الأعداء والثغرات التي ينبغي التوقي منها، فهي عورات يدركها كل ذي بصيرة.
وينبغي أن نعترف أن تركيا الحالية مدركة لهذه الأخطار. ويعلم الله أنها قد سعت ما استطاعت إلى ذلك سبيلا لإقناع قيادات العرب. لكن القلوب عمياء.
لا أنفي أن لتركيا أيضا أطماع اقتصادية وحتى سياسية، لكن ذلك كله حتى لو صح فهو لصالح الجميع لأنه في غياب قطب موحد سرعان ما ينفرط عقد الأمة.
فلا ننسى أن المشروع بدأ بتفكيك الخلافة العثمانية، التي كانت رغم مرضها وفسادها، رمزا لا يستهان به للمحافظة على وحدة الأمة الرمزية والروحية.
وآخر دليل على أن الغرب يعلم أهمية هذا الرمز، أنه ضمه إلى المفهومات الخمسة التي ركز على تشويهها في حربه الرمزية: داعش تشويه لمفهوم الخلافة. وهي لا تكتفي بتشويه الخلافة، بل تشوه أخلاق الإسلام الحربية وقيمه السياسية ومقومات الشرعية في حكم المسلمين، واستراتيجية الاستئناف الفاعلة.
المفهومات الأربعة الأخرى هي:
– صورة الرسول
– تاريخ الإسلام
– العقيدة الإسلامية
– والقرآن أصل الكل.
فالخلافة مع هذه العناصر تمثل روح الأمة.
والحرب الرمزية على هذه المفهومات، جيشها هو المليشيات بنوعيها: مليشيات السيف ومليشيات القلم. وكلها توابع للأنظمة العميلة بمن فيهم إيران.
وقد بينت أن هذه المليشيات بصنفيها هي أدوات تعتمد على إيديولوجية الفتنة الكبرى (توابع إيران) وايديولوجية الفتنة الصغرى (توابع إسرائيل).
وكلها تعمل بتمويل عربي مباشر أو بصورة غير مباشرة. والدافع هو الأنظمة (تمول الإعلام العميل وبعض الحركات) أو أصحاب الخمس البينين أو المتقين.
وأكبر مثال على ذلك، هو إفلاس العراق الذي أخذت ثرواته لتمويل مليشيات إيران في غزو العراق والشام واليمن، حتى صار أغنى بلد عربي، صومالي الحال.
الكتيب